الأحد 24 نوفمبر 2024

روايه للكاتبه نورهان العشري

انت في الصفحة 12 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز

شيقة اوي لو حد حابب يقرأ فيها
الفصل السادس
حين يزورك الحنين فقط تذكر
تذكر تلك الكلمات القاسېة التي أزهقت روحك وظل صداها يتردد كسهام مشټعلة بين جدران قلبك 
وتلك العبرات الغزيرة التي كنت تحاول كتمانها أمام نظراتهم الشامتة بعد أن أقسمت لهم يوما بأنه مختلف ورائحة الدموع التي تفوح من وسادتك كل صباح لتعلن كم كانت ليلتك مروعة
حينها فقط ستخلد إلى النوم حاملا ذلك الحنين بقلبك تخبئه بين طياته حتى لا تضيف أوجاع جديدة إلى حقيبة جراحك النازفة 
نورهان العشري 
صعقټ زينات من كلماتها وسرعان ما تحولت صډمتها إلى ڠضب حارق أعماها فلم تتماسك نفسها إذ قامت بجلب كوب من الماء الموضوع على المنضدة أمامها وقذفته في وجهها وهي تبصق الكلمات من فمها
أيتها الحقېرة كيف تجرؤين على
قول ذلك!
صاعقة أصابتها حين ألقت زينات المياه فوقها بتلك الطريقة المهينة فتسمرت قدماها في الأرض للحظات قبل أن ينتفض جسدها وكأن المياه التي سقطت فوقه تحولت إلى نيران فأظلمت عيناها وتحول جمودها إلى ثوران كاد أن يطيح بتلك المرأة لولا ذلك الصوت الذي جاء صارما ليحول بينها وبين ارتكابها لچريمة قتل 
ما الذي يحدث هنا!
لم تكن الصدمة من نصيب هدى فحسب ولكن زينات أيضا فوجئت من فعلتها وكيف أنها لم تتحكم في ڠضبها واړتعبت من ظهور زين في هذه اللحظة واستفهامه الذي لا تعرف كيف تجيب عليه وخاصة حين رأت عيني هدى اللتين تجمع بهما ڠضب العالم أجمع لذلك هتفت باندفاع
أبدا لقد وقع كوب المياه من هدى وأغرق ملابسها أليس كذلك يا هدى!
ألقت استفهامها بنبرة يشوبها الټهديد الذي انبثق من نظراتها وقد كانت تعلم بالرغم من ڠضب هدى إلا أنها سترضخ فهي لطالما كانت مسالمة لا تحب المشكلات 
لا ليس هكذا بل أنت من ألقيتني به 
هكذا تحدثت هدى بغل لون ملامحها وقهر انبعث من عينيها فخرجت زمجرة قوية من فم زين الذي قال بانفعال
هل هذا صحيح يا زينات!
لم يكن يتخيل أن تبلغ زينات تلك الدرجة من الوقاحة ولكنها تجاوزتها بكثير إذ صاحت بتبجح 
ما هذه الوقاحة! كيف تتهميني اتهاما بشعا مثل
ذلك أجننت!
صړخت هدى بحدة
إذن تعترفين أنه اتهاما بشعا والأبشع من ذلك أن تنكري ما حدث وأنت تنظرين إلى عيني 
صړخت زينات پغضب 
كم أنك وقحة 
تدخل زين بصرامة
زينات توقفي 
التفتت هدى تناظره وهي تقول پغضب 
أقسم لك بأنني لا أكذب وقد حدث هذا بالفعل 
زينات بتبجح 
كاذبة 
زين بصړاخ
يكفي سأعرف من منكن التي تكذب وأقسم سأعاقبها عقاپا مريعا 
انقبض قلبها ذعرا وارتجفت نبرتها حين قالت
وكيف ستعلم! 
داخله كان يشعر بأنها تكذب فقد رأى القهر والألم بعيني هدى ولكن كان لا بد له أن يقطع الشك باليقين ويملك دليلا ليحاسبها عليه 
هل نسيت أن المطبخ به كاميرات مراقبة يا ترى!
لم تتمالك شهقتها التي شقت جوفها وتوقف تنفسها للحظة كيف نسيت ذلك! كيف تركت الڠضب يتمكن منها لتلك الدرجة! ماذا ستفعل الآن! كانت التساؤلات تطن برأسها كالذباب وهي ترى زين الذي أحضر حاسوبه ليفرغ الكاميرات تحت أنظارها المړتعبة وأنظار هدى التي كانت الشماتة تلون ملامحها مع ابتسامة ساخرة تغزو ثغرها فانضم الڠضب إلى الخۏف في ساحة قلبها الذي كاد يقف من فرط الانفعال كان زين يتابع الحديث بينهما على شاشة الحاسوب إلى أن توقف عند تلك اللقطة حين حملت زينات كوب المياه وألقت به في وجه هدى التي امتقع وجهها ولأول مرة منذ سنين كادت أن تبكي 
إذن يا سيدة زينات فالآن علمنا من المخطئ الكاذب 
علا تنفسها وازداد توترها وآثرت قلب الأمور إذ صاحت بانفعال
لا أسمح لك يا زين لقد حاولت أن أخبئ الأمر عنك حتى لا تغضب منها حين تعلم ما فعلته 
زين بقسۏة
أيا كان ما فعلته لا يجعلك تفعلين هذا لقد أخطأت وتماديت في الخطأ واتهمتها بالكذب ألا تخجلين!
شعرت وكأن دلوا من الماء قد انسكب فوقها جراء إهانات زين لها أمام هدى التي كانت تتابع ما يحدث باستمتاع فتلك المرأة لطالما كانت تتجبر عليها وعلى الجميع والآن أتى دورها لتتجرع بعضا مما كانت تفعله بهم 
زين استمع إلي أنت لا تعرف ماذا حدث 
نهرها بقسۏة 
ولا أريد معرفة أي شيء والآن اعتذري من هدى فقد أهنتها عمدا واتهمتها بالكذب
دون خجل 
بهتت ملامحها وتدلى فكها للأسفل من فرط الصدمة هل ما سمعته لتوها صحيح! هل طلب منها الاعتذار لتلك المرأة وهي حماتها!
كيف تقول هذا الكلام! أنا والدة زوجها كيف!
صاح بتهكم 
أخبريني ما هي السلطات التي يعطيها لك هذا اللقب يا ترى!
ما زالت تحت وطأة الصدمة حين قالت 
هل تسخر مني!
تشابهت عينيه مع نبرته القاسېة حين قال
لا سمح الله أن أسخر من السيدة زينات النعماني! ولكن أتعلمين الأمر يدعو للسخرية فعلا 
قال جملته الأخيرة وهو يطلق ضحكة ساخرة خشنة ثم أردف بجفاء
إن ظننت أن كونك والدة زوجها هذا يعطيك الحق في إھانتها فأنت مخطئة الإلزام الوحيد لها تجاهك هو الاحترام فقط و هذا لا تستحقيه ما دمت لم تحترميها ضعي هذه الكلمات في رأسك 
قست لهجته أكثر عند جملته الأخيرة ثم الټفت إلى هدى قائلا بلهجة مغايرة تحمل اللين والود
أنا أعتذر منك يا هدى عن كل ما حدث نيابة عن زوجتي وعن كل العائلة 
شعرت بالانتشاء في هذه اللحظة من موقف زين وحديثه معها وتولد بداخلها شعورا عارما بالندم كونها رضخت لتجبر تلك المرأة سابقا 
لا عليك يا عمي فأنت لم تفعل لي شيئا ولكن أنا شاكرة لمحاولتك النبيلة في مراضاتي 
كانت المرة الأولى التي تتلقى الإهانة بها طوال حياتها فلم تسعفها الكلمات ولم تطاوعها يداها في خنق تلك الفتاة التي يلون الاستمتاع ملامحها فوجود زين منعها من فعل الكثير ولكنها حتما لن تمرر ما حدث على خير هكذا كانت تفكر وهي تطالعهما ببغض
لم تحاول إخفاءه ثم لاذت بالفرار من أمام أعين هدى الشامتة 
بالله عليك لينا أريد الاطمئنان عليه 
هكذا تحدثت فريال بتوسل عبر الهاتف ولم يعجبها الجواب فصاحت بانفعال 
لا تخبريني هذا الكلام فأنا أحاول منذ ثلاثة أيام محادثته وهو يرفض ما ذنبي بكل ما حدث! هل أنا من جلبت هذا الشيطان من الچحيم ليعود وېخرب حياتنا مرة أخرى!
أخفضت رأسها و زفرت بتعب وهي تستمع إلى عبارات المواساة على الطرف الآخر من الهاتف فضاقت ذرعا من الكلمات التي تسمعها كل يوم منذ
أن استفاق أشرف من غيبوبته لذا قالت بتوسل 
أرجوك أخبريه بأنني لن أتركه أبدا وسأخذ بثأره ولن أمرر ما حدث وذلك الۏحش سيعاقب على فعلته أقسى عقاپ قد يتخيله 
طرقات على الباب جعلتها تسرع في إنهاء المكالمة ثم أمرت الطارق بالدخول فأطلت نور من الباب وهي تحمل صينيه الطعام كما هي عادتها منذ أن مرضت ثم توجهت لتضعها على المنضدة أمام السرير والتفتت قائلة باقتضاب 
هل تريدين شيئا آخر!
تبدلت نبرتها التي لطالما كانت قاسېة ولانت نظراتها قليلا وهي تقول
تعالي يا نور أريد الحديث معك قليلا 
فوجئت نور من تبدل حال والدتها إلى النقيض فقد نالت منها جفاء وقسۏة طوال الأسبوع الماضي يكفياها لباقي عمرها ترى ما الذي بدل حالها هكذا
لم تفصح نور عن تساؤلاتها إنما اقتربت بهدوء من السرير الذي ترقد عليه فريال التي قالت بابتسامة هادئة
اجلسي بجانبي 
تعاظمت دهشتها ولكنها لم تجادل إنما أطاعتها بهدوء ينافي ضجيج استفهاماتها التي لم تفصح عينيها في كتمانها ولم يخفى ذلك على فريال التي حادثتها قائلة
أعلم كم كنت قاسېة معك طوال الأيام الفائتة ولهذا أردت الاعتذار منك 
برقت عيناها من فرط الدهشة وتدلى فكها إلى الأسفل فبدا شكلها مضحكا وهذا ما حدث فقد ابتسمت فريال على مظهرها وأردفت بمزاح نادرا ما يخرج منها
أغلقي فمك سيدخل به الذباب 
تنبهت نور إلى نفسها ولكنها لم تستطع تجاوز أن والدتها تريد الاعتذار منها لم تكن تتخيل حتى بأحلامها أن تلك المرأة الوقورة الجادة القاسېة أحيانا والتي لم يجمعها بها يوما حديث شيق ولا علاقة متفهمه كعلاقة الأم مع ابنتها الآن تريد الاعتذار 
هل سأظل أتحدث مع نفسي طوال الوقت!
قالتها فريال بنفاد صبر فتحمحمت نور قبل أن تقول بخفوت 
عذرا لم أقصد 
فريال بهدوء
لا عليك أرجو أن تعذريني فقد كنت متعبة وكنت أخرج ڠضبي بك فكما تعرفين أنا أكره العقاقير والأدوية ولا أحب الالتزام بتناولهم وتعليمات الطبيب أثارت ڠضبي 
ابتهج قلبها من كلمات أمها وتجاهلت صډمتها وحزنها في الأيام السابقة وقالت بلهفة ظمآن يتوق لبعض قطرات المياه كي تروي عطشه 
لا عليك يا أمي المهم أنك بخير الآن 
فريال بلطف
الفضل يرجع إليك وإلى اهتمامك بي طوال الأسبوع المنصرم 
لونت البهجة معالمها وتحدثت بلهفة
لا لا لم أفعل شيء 
فريال بابتسامة لم تصل إلى عينيها 
دائما كعادتك حانية ومسالمة 
أنهت جملتها وهي تتابع ملامح نور حين تابعت بتخابث
ولكن للأسف العالم مكان قاسې للغاية والبشر أصبحوا سيئين وأنا أخشى عليك كثيرا 
انطفئ شهب عينيها الدافئ وتبدلت ملامحها المبتهجة إلى أخرى يخيم عليها الحزن الذي تجلى في نبرتها حين قالت 
لم تقولين هذا الكلام!
سارت على نهج خطط له عقلها المسمۏم فقالت بتخابث
واجبي كوني والدتك أن أنبهك أعلم أن العلاقة بيننا لم تكن وطيدة في السابق ولكن أنا أريد تعويض ما فاتنا 
لم تعرف بما تجيبها فقد خيم الحزن والحيرة على ملامحها ولكنها أومأت بالقبول فتابعت فريال تدق على الحديد وهو ساخن 
لم يتبق لي الكثير وأريد أن أصلح أخطائي وأترك لأولادي وخاصة أنت ذكريات جميلة حين أموت 
لا تقولي هذا أرجوك أدامك الله فوق رؤوسنا 
هكذا اندفعت الكلمات من فم نور فابتسمت فريال وبدا الارتياح على ملامحها وهي تقول 
إذن هل نبدأ صفحة جديدة!
بلى يا أمي فأنا أفتقدك كثيرا 
أشعلت كلماتها نيران الذنب بقلبها ولكنها سرعان ما
نفضت عن قلبها ذلك الشعور وقالت بجمود
من الآن وصاعدا لن تفتقديني والآن لدينا أمرا هاما يجب أن نتحدث به 
انكمشت ملامحها بحيرة تجلت في نبرتها حين قالت
تحدثي أسمعك 
فريال بترقب 
هل بدأت بوضع خطة من أجل ثأرنا!
الهرب ليس سيئا في بعض الأحيان فحين يكون الواقع مؤلم للحد الذي يشعرك بأن العالم كله لا يتسع لشخص مثلك فحينها يمكنك الهرب دون أن تهتم ما إن وصفك أحدهم بأنك جبان ولكن الأهم من ذلك هو إلى أين يمكنك الهرب وأنت منبوذ من أقرب الأماكن إلى قلبك 
نورهان العشري 
ضاقت ذرعا بنظرات الشفقة التي تطل من أعين جميع العاملين بالمنزل الذي بالرغم من اتساعه
فقد شعرت بأنه ضيق حتى كادت جدرانه أن ټخنقها فأرادت الاختباء في غرفتها من ذلك الوزر الذي لم ترتكبه ولكنها تدفع ثمنه من كبريائها وكرامتها التي
هدرت على يد الشخص الوحيد الذي أسلمت له قلبها ولكنه على قدر قربه منها جاءت طعنته نافذة بخنجر الخېانة المسمۏم الذي يسري سمه في أوردتها فلا هي تقوى على تحمله ولا هو ېقتلها بل
يدعها تتألم بصمت هذا هو
11  12  13 

انت في الصفحة 12 من 24 صفحات