الأحد 24 نوفمبر 2024

روايه للكاتبه نورهان العشري

انت في الصفحة 14 من 24 صفحات

موقع أيام نيوز

بينهم مرهما شدد أن يدلك به كاحلها يوميا قبل النوم 
فالتمعت عيناها حين سمعته يقول بفظاظة
لا تقلق أيها الطبيب سأتأكد بنفسي من أن يحدث ذلك 
أنهى جملته ثم شكر الطبيب وقام بإيصاله إلى الأسفل ليتركها حانقة على كل ما يحدث معها وخاصة مشاعرها اللعېنة بقربه ولكنه لم يمهلها أكثر من عشر دقائق فقد عاود أدراجه إليها وهو يقول بفظاظة
الخادمة ستحضر لك طعام
الإفطار هنا ثم ستتناولين أدويتك وترتاحين كما أمر الطبيب 
اغتاظت من لهجته الآمرة ومن هذا العبث والمكر اللذان يزينان نظراته فتعاظم الڠضب بداخلها وتجلى بنبرتها حين قالت
فقدت شهيتي لا أريد تناول الطعام 
فوجئت حين اقترب منها ليتربع في مواجهتها على السرير وهو يقول بلهجة عابثة
إذن سأجعلك تستعيديها مرة أخرى 
تحدثت بترقب وهي تنظر إلى عينيه اللتين أظلمتا فجأة
كيف ذلك!
لم تبتسم ملامحه ولكن عينيه فعلت فتعانقت نظراتهما لثوان قبل أن تجده وثب قائما وهو يغلق أزرار بذلته قائلا بلهجة آمرة
سأغادر إلى الشركة الآن وسأعود قبل العشاء لا داعي لأن أخبرك أن تتبعي إرشادات الطبيب 
لم تجبه فقد كانت تغلي من الڠضب الذي تعاظم أكثر وهي تجده يرفع إحدى حاجبيه احتجاجا على صمتها فهمست من بين أسنانها
حسنا 
هل تتحدث بجدية الآن! هل سنعود غدا!
هكذا صاحت هناء بحنق قوبل بالجمود من ناحيته حين قال باختصار
نعم 
اهتاجت من فرط الڠضب فلم يمض ثلاثة أيام على بقائهما هنا في هذا المدينة الساحلية الرائعة التي كانت من ضمن أحلامها التي لم تجرؤ حتى على تمني تحقيقها ولكنها تحققت معه والآن وقبل أن تستمتع بوجودها فيها يخبرها بأنهما سيعودان غدا 
حاولت قمع ڠضبها قدر المستطاع واستبدلته بخيبة الأمل التي مزجتها بسحرها الذي مارسته باحترافيه وهي تقترب من سياج صدره 
أرجوك حبيبي أخبرني أنك تمزح فلم تتح لنا الفرصة للتمتع معا بجمال المكان وأيضا ألم تعدني بقضاء شهر عسل كامل هنا
غمرت السخرية ملامحه وتجلت في نبرته حين قال
شهرا كاملا هنا! من أين أتيت بهذا الآن أنا حتى بزواجي الأول لم أقض شهرا كاملا برفقة هدى 
ذكر اسم غريمتها كان سهما مشټعلا أضرم نيران الحقد والڠضب بأوردتها فتجمدت يديها على صدره للحظة قبل أن تتراجع باندفاع إلى الخلف وهي تقول بشراسة لم تستطع التحكم بها
ما الذي أتى على ذكرها الآن ولم تتحدث هكذا هل زوجتك الأولى أفضل مني أم 
قاطعها بفظاظة وهو يحاول قمع فيضان ڠضبها قبل أن يتمادى ويغرقهما
توقفي يا هناء لا يستدعي الأمر كل هذه الضجة 
هناء بانفعال
حقا! ذكر اسم زوجتك الأولي بيننا في شهر عسلنا وبتلك الطريقة لا يستدعي!
تفاقم غضبه أكثر فهدر آمرا
إن قلت لا يستدعى معناها هو كذلك كان الأمر في سياق الحديث فقط ثم إني لا أحب تبرير أي شيء أقوله أو أفعله فلتعلمي هذا 
تجيد لعبة الشد والجذب حتى وأن وجدت الأمور بدأت تحتدم تسلحت بضعفها الذي هو خير وسائلها معه فقامت بإخفاض رأسها مطلقة العنان لعبراتها بالهطول ثم قالت بنبرة جريحة
حسنا سأجمع أغراضنا حتى لا نتأخر على الطائرة صباح الغد 
سر قوة المرأة في ضعفها فهو القشة التي تقسم جبروت الرجل عن طريق استفزاز غريزته في حماية الأنثى حتى من الحزن فيتقهقر غضبه أمام عبراتها سالكا كل الطرق لمراضاتها
لا تحزني أعدك سأعوضك عن هذه الرحلة في أقرب وقت 
هكذا تحدث ويده تمتد لتمسك برسغها توقفها عن المضي وحين التفتت تفاجئ من ذلك الحزن الي تبلور في عينيها وتقاسيم وجهها الذي كوبه بين يديه يحاول أن يراضيها فرفرفت برموشها وهي تتحدث بحزن خالطه الدلال
لقد أحزنتني في أكثر الأوقات التي من المفترض أن أكون سعيدة بها ولن أسامحك
شاهين بخشونة
ستفعلين 
لن أفعل 
عاندته بدلال فتركها وهو يتوجه إلى الطاولة بجانب السرير ليخرج منها علبة من القطيفة الزرقاء وقام بفتحها لتبرق عيناها تزامنا مع هذا البريق المطل من تلك الإسورة الماسية التي جعلتها تشهق من فرط جمالها
يا إلهي لا تقل أنها لي 
شاهين بسخرية
حسنا لن أفعل 
قالها وهو يغلق العلبة ليمازحها فقامت بانتزاع العلبة من
بين يديه وهي تصيح
لا لا إنها لي 
قهقه بصخب على فعلتها واقترب يمازحها قائلا
هل ما زلنا متخاصمان!
التفتت تناظره وحين أوشكت على الرد توقفت لثوان واستعادت ملامحها الحزينة قائلة بنبرة يشوبها الأسى
أجل ما زلنا 
شاهين بسخط
هناء لا تطيلي الأمر أكثر 
اقتربت منه بنظرات مغوية ونبرة تشبهها حين قالت
تبقى أمرا بسيطا بهذا القدر 
كانت تشير بإصبعيها فاستفهم بجفاء
أخبريني ما هو!
هناء بدلال
أريد أن نذهب للسهر اليوم رجاء حبيبي لا تقل لا فهذه هي أمنيتي الأخيرة 
بعد مرور خمس ساعات تحدث شاهين باستياء
هل يمكننا للمغادرة الآن فقد انتصف الليل 
اقتربت هناء تحتويه وهي تتدلل قائلة
حبيبي دعنا نبقى لبعض الوقت فالحفل ما زال في بدايته 
لون الامتعاض ملامحه قائلا بملل 
اللعڼة على تلك الحفلات 
اقتربت تلثم صدغه في محاولة منها للقضاء على ذلك العبوس الذي يلون تقاسيمه ثم قالت بغنج
هيا تخلص من هذا العبوس لا يليق بوسامتك حبيبي 
تمطى بكسل وعيناه تطلقان سهاما عابثة قبل أن يقول بتخابث
الجو أصبح خانقا لذا اريد الرحيل 
لك ما تريدين 
تمايلت معه أمام أعين تراقبها بحسد بينما هي تشعر بالسعادة الغامرة كون هذا الرجل يخصها من بين كل هؤلاء النساء 
كانت نائمة على الفراش تتقلب وكأنها تتقلب على جمر مشتعل لا يهدئ أبدا كتلك الأفكار التي تدور برأسها دون أن تجد لها أي إجابة فقد انقلب عالمها رأسا على عقب منذ أن عاد لم تقصد عالمها الخارجي فقط إنما داخليا لم تعد مستقرة وكأن إعصارا ضربها ففجر بها كوامن الشعور التي لم تختبرها مسبقا كل شيء أصبح مختلفا لا يشبه ما سبقه شعورها نحوه الذي كان يقتصر على الخۏف فقط تخللته مشاعر أخرى لا تعرف كنهها وتخشاها للحد الذي يجعلها تهرب حتى من التفكير بها 
انتشلها من بحر أفكارها طرق خاڤت على باب الغرفة فأمرت الطارق بالدخول فأطلت هدى برأسها وهي تقول بمرح
هل لي أن أدخل!
نور بلهفة
أجل بالطبع 
دلفت إلى الداخل وأغلقت الباب خلفها متوجهه إلى نور وهي تقول بمزاح
علمت بأن الأميرة سقطت ولوت كاحلها والأمير الوسيم حملها وطار بها إلى هنا فجئت لأطمئن عليها 
تفاقمت دقات صدرها حين سمعت كلمات هدى عن أميرها الوسيم ولكنها رسمت الامتعاض على ملامحها وكذلك نبرتها حين قالت
لا تكوني لئيمة يا هدى ليس أنت 
ابتسمت هدى على كلماتها وقالت تشاكسها
وأنت لا تكونين خجولة إلى هذه الدرجة فتفضحك وجنتاك فها هو محصول الطماطم بدأ بالظهور 
ابتسمت نور على حديثها وقالت مغيرة الموضوع
كيف حالك الآن!
تجاهلت الغصة التي تتوسط بلعومها وقالت بجفاء
كيف أبدو لك!
نور بشجن وهي ترى أبعد مما تريد هدى أن تظهره
تحاولين التظاهر بأنك بخير 
توقعت أن تجادلها ولكنها فوجئت بهدى التي قالت بجمود
وهل أنجح في ذلك!
بالنسبة لشخص لا يعرفك نعم وبدرجة امتياز ولكن أنا 
قاطعتها هدى قائلة بجفاء
عزيزتي نور لا أحد يعرفني جيدا حتى أقرب الناس إلي وطبقا لكلامك فإذن أنا على الطريق الصحيح 
تحدثت نور بلهجة مشجبه
إلى متي ستطول لعبة التظاهر تلك!
هدى بجمود ينافي ألم عينيها
إلى أن أستعيد نفسي القديمة وأيضا حين أستطيع أن أقف على قدماي دون أن أحتاج إلى أحد 
خربشت أنياب الفضول عقلها لذا قالت مستفهمة
ماذا تقصدين!
سأعمل 
نور بذهول
ماذا! هل تمزحين!
هدى بسخرية
وأين المزاح في ذلك! ونعم سأعمل حتى أنني بحثت عن عمل في مجال
دراستي ووجدت وسأذهب السبت القادم لإجراء المقابلة 
نور باندهاش من حديثها
هل يعلم شاهين بذلك! أقصد هل سيوافق!
ولد ذكره شحنات من الڠضب داخلها ولكنها تجاهلتها وهي تقول بلا مبالاة
لم أفكر بإعلامه وموافقته هي آخر شيء أحتاج إليه 
نور بتعقل
هدى أنت تشعلين الڼار بينكما أكثر 
هدى پقهر أخفته خلف قناع الجمود حين قالت
الڼار كان هو أول من أشعلها وأنا أول من احترق بها والآن لنتبادل الأدوار 
أوشكت نور على الحديث فسبقتها هدى التي قالت باستهلال
الآن أخبريني كيف هي أحوالك مع فراس!
قشعريرة جارفة اجتاحت جسدها حين سمعت اسمه وازدهر الزيتون بنظراتها ولكنها حاولت الظهور بمظهر اللامبالاة حين قالت
عادية لا شيء مهم لذكره 
شعرت هدى بأن هناك أشياء أبعد من العادي كما ذكرت نور لذا تدبرت كلماتها حين قالت
إن أردت نصيحتي اجعليها غير ذلك 
نور باستفهام
ماذا تعنين!
واعظتها قائلة
فراس رجل لا يقدر بثمن فهو شهم ونبيل وأيضا وسيم وذو سلطة ونفوذ أي امرأة في مكانك ستكون في غاية السعادة لامتلاكها رجلا مثله لذا حاولي أن تجعلي حياتك معه أكثر بهاء لا تعتمدي على عشقه لك فقط 
كانت تركز على كل كلمة تتفوه هدى بها وهي تستعرض ملامحه ونظراته وأفعاله معها ولكن عقلها توقف عند تلك الكلمة التي جعلت قلبها يرتج داخل صدرها للحد الذي جعل حروفها تخرج مرتبكة من بين شفتيها حين قالت
ماذا! عن أي عشق تتحدثين!
انكمشت ملامح هدى باندهاش تجلى في نبرتها حين قالت
ماذا بك نور! هل أصبت عقلك حين سقطت! أقصد عشق فراس لك 
للمرة الثانية التي تستمع إلى تلك الجملة التي تفعل الأفاعيل بقلبها الذي رفض هذا التخبط الذي ينتابه كلما ألقيت على مسامعه هذه الكلمات فتشدقت نور ساخرة
والله لا أعلم من
منا الذي أصيب في عقله! أنت أم أمي فهي أيضا قالت تلك الجملة ولا أعلم على أي مصدر تستند لتتفوه بها والآن أنت 
أجابتها هدى بفطنة
أنا أتحدث وفق حقائق لامستها بنفسي ورأيتها بعيني 
عاودتها تلك الوخزات التي تفشت في جسدها بالكامل تلك المرة وهي تتحدث بترقب
أي حقائق تلك! وماذا تقصدين بما رأيته
بعينك!
صمتت هدى لثوان قبل أن تعيد سرد أحداث من الماضي
أتذكر يوم ولادة إياد حين كانت حالتك خطړة كاد أن يجن في الخارج وأخذ يصيح هنا وهناك حتى أصابهم بالهلع فكان طاقم المستشفى بالكامل يدعو لك بأن تلدي بالسلامة حتى أنه لم ينظر إلى إياد حينما أخرجته الممرضة على سريره وكانت أنظاره متعلقة على باب غرفة العمليات وكأنه يتوسل أن تخرجي منها على خير وأيضا كانت تلك المرة الأولى التي أراه ېدخن بها ولم يكن الأمر عاديا فقد استهلك علبة تبغ كاملة في مدة لا تتعدى الثلاث ساعات في تقييمي كانت محاولة للاڼتحار من جهته 
قالت جملتها الأخيرة بسخرية ولكن نور كانت في عالم آخر مع ذكرياتها في هذا اليوم فهي استيقظت وجدت الممرضة بجانبها وبعدها توافدت عليها العائلة بأكملها وكان هو آخر من جاء لزيارتها واكتفى بجملة قصيرة
لا تسمن ولا تغني من جوع
حمدا لله على سلامتك أنت والطفل 
ولم يمكث معها لأكثر من ربع ساعة بعدها اقترب مترددا ليضع قبلة جافة على جبهتها وهو يخبرها أن لديه عمل ولا يستطيع التأخر عنه ثم غادر جذبت أنظار هدى تلك المرارة التي ارتسمت بمقلتيها فتحدثت باستفهام
ماذا هناك! لم وجهك تغير هكذا!
نور بمرارة
لا لا شيء ولكن ما ذكرتيه يتنافى كثيرا مع حقيقة شعوره تجاهي فأنا في هذا اليوم لم أحصل سوى على قبلة جافة وجملة مقتضبة
13  14  15 

انت في الصفحة 14 من 24 صفحات